مدخل:
هناك العديد من الشواهد التي ترجح انفصال جنوب السودان الي دولة مستقلة ، بعد ان تم الاتفاق علي اجراء الاستفتاء الخاص بتقرير المصير لجنوب السودان و ابيي في يناير من العام 2011م . في هذا الوضع من المفيد البحث عن مختلف التأثيرات المتوقعة لانفصال الجنوب من عدة اوجه ، خاصة من حيث التأثير علي مؤشرات التنمية الاقتصادية و الاجتماعية. من الجوانب الجديرة بالاهتمام تأثير الانفصال علي مؤشرات التنمية في السودان بشماله و جنوبه. اغلب الآراء الان ترجح انفصال جنوب السودان ، و هذا في حد ذاته لا يشكل مشكلة كبيرة ، اذا تم الاقتناع به و التسليم بانه امر واقع وحتمي و ان أي خيار اخر غيره سيؤدي الي نتائج اسوأ ، و اذا كانت تلك هي قناعة المجتمع الدولي بعناصره المؤثرة علي المستويين الاقليمي و الدولي . في هذه الحالة لابد من وضع الترتيبات و التدابير التي تعالج المشاكل التي عادة ما تصاحب الانفصال. تلك المشاكل بالتأكيد معقدة و تحتاج للوقت للتفاوض حولها و حسمها بشكل منهجي و نظامي يجنب البلاد - في حالة الانفصال- الوقوع في صدامات حول عدد من القضايا ، يمكن ان تكون لها تداعيات تتولد عنها عدد من المشاكل الفرعية بشكل يمكن ان يعصف باستقرار البلدين الناتجين عنه و يجرهما بعيدا عن الأهداف المرجوة من الانفصال . و هنا لابد من طرح سؤال حول ماهية الاهداف المنتظرة من الانفصال بالنسبة للجنوب او ابيي؟ ففي الوقت الذي لا يمكن النظر فيه الي الاستفتاء كهدف في حد ذاته ، وانما باعتباره وسيلة تؤدي الي غاية معينة. يبقي السؤال حول ماهية الغايات النهائية و أساليب تحقيقها محتاج الي إجابة. اذا تم الاحتياط لمآلات الانفصال ووضحت الرؤية حول مستحقاته ، يمكن عندها ان يحدث بسلاسة و سلام خاصة اذا صدقت نوايا ( المجتمع الدولي ) في المساعدة في اكمال تلك العملية بشكل سلمي. بهذا الشكل ، ستصبح مشكلة ابيي اضافة لمناطق جنوب كردفان و جنوب النيل الازرق، هي الأكثر تعقيدا و خطورة علي الشمال و الجنوب و تبدو انها مستعصية علي الحل في حالتي وقوع خيارها علي الانضمام الي الشمال او الجنوب في حالتي الاستفتاء و المشورة الشعبية. هذه المسألة اذن تستحق التحوط لها و تقع بشكل كبير ضمن دائرة التأثير المباشر و العميق علي مؤشرات التنمية بمختلف إشكالها و مسمياتها و توصيفاتها و تصنيفاتها ، اضافة لكونها بذرة حرب. لا يمكن الفصل بين القضايا المتداخلة في قضية مثل تقرير المصير و هنا يجب فقط التركيز علي إي المؤشرات أكثر خطورة وجديرة بالاهتمام أكثر من غيرها.
المرجعية الرئيسية لتقرير المصير لجنوب السودان و منطقة ابيي هي اتفاقيات السلام الشامل و اهم ما جاء في الاتفاقيات المؤسسة للوحدة او الانفصال هي الجوانب المتعلقة بقسمة السلطة و الثروة ، بما يشتق منها من اثار علي نظام الحكم ‘ قسمة الموارد و إرساء أسس داعمة لاي من الخيارين المتاحين في الاستفتاء المزمع إقامته في يناير 2011م. ما يهمنا هنا هو مناقشة الجوانب ذات الارتباط بالعملية الاقتصادية و بالتالي ، ذات الصلة باتفاقية قسمة الثروة.
حسب المراجعات التي تمت فيما يختص بمرجعيات الانفصال استنادا الي القانون الدولي و القانون الدستوري و وفقا للسياق التاريخي و المقارنة بالتجارب الدولية ، اتضح ان معظم الآراء تدور حول ان علاقة الجنوب بشمال السودان هي علاقة إقليم بكيان دولة قائمة بالرغم من المشاكل المركبة بين ذلك الاقليم و السلطة المركزية. ظل جنوب السودان جزءا أصيلا من الدولة السودانية منذ العام 1998 و حتي نيل السودان لاستقلاله في الاول من يناير 1956م. في هذا السياق لم يعامل جنوب السودان ككيان منفصل او شخصية اعتبارية مستقلة في تاريخ الدولة السودانية . في السياق اعلاه فان حق تقرير المصير مطلب دخيل و جديد علي الممارسة السياسية و الدستورية في السودان تم تأسيسه من خلال مرارات الخلافات التاريخية بين النخب الحاكمة في الشمال و بين القطاعات التي تشكل الوعي الاجتماعي و النفوذ الواقعي و التاريخي في جنوب البلاد و جاءت اتفاقيات نيفاشا لتضعه كواحد من حسابات التسوية بين جزئي الوطن الواحد و إسكاتا لأصوات بعض النخب الجنوبية المهمة التي أصبحت تدعو الي انفصال الجنوب في دولة مستقلة. تأسيسا علي ذلك جاءت نيفاشا لتضع تلك الخيارات في سياقها الدستوري و القانوني اللازم النفاذ. هنا بالضبط تكمن خطورة الوضع الناشئ عن نيفاشا بإرساء سابقة يمكن البناء عليها لانشقاق أجزاء اخري من السودان و انفصالها في دولة مستقلة. من جهة اخري سيشكل ألانفصال حافزا للعديد من الحركات المسلحة في أفريقيا خاصة و ان موجات الهجرة و النزوح الناتجة عن الحروب تغذي ذلك الاتجاه. في المحصلة النهائية فان النزعة العقلانية لدي طرفي نيفاشا التي أدت الي الوصول لاتفاقيات السلام الشامل ستتحول الي فعل غير ايجابي و نزعات شوفينية يمكن ان تجهض جميع ايجابيات اتفاقيات نيفاشا و التي نعتبر من أهمها إيقاف الحرب و وضع السودان في طريق التحول نحو الديمقراطية و التنمية و استدامة الأمن و السلام.
تحاول هذه الورقة استجلاء بعض المؤشرات المصاحبة للاستفتاء حول تقرير المصير - خاصة في حال خروجه بنتيجة الانفصال- و مدي تأثيرها علي عدد من العوامل الخاصة بالتنمية الاقتصادية و الاجتماعية في مجمل البلاد بشمالها و جنوبها. كما تتعرض الورقة لبعض الجوانب التي تري ضرورة التركيز عليها من شريكي الحكم و القوي السياسية و المدنية الاخري في الفترة المتبقية قبل موعد الاستفتاء، في دعوة لتوسيع المشاركة في بحث هذا الموضوع الي اقصي مدي ممكن. تتبع الورقة مدخل الاقتصاد السياسي لتناول موضوع الاستفتاء و تداعياته المحتملة دون ان تستند الي بيانات إحصائية او نماذج تحليلية لان مثل تلك المتطلبات خارج سياق هذه الورقة و طبيعتها حسب المدي الزمني و الإمكانيات التي أعدت فيها و أتيحت لها لتناول المشكلة المعنية بالنقاش. إذن الورقة لا تعدو ان تكون، ورقة معدة لنقاش تدابير و تداعيات الاستفتاء وفتح الأبواب الواسعة لتناول هذا الموضوع بالغ التعقيد و الذي يعتبر ذو أهمية مفصلية علي المستوي الوطني.
هناك العديد من الشواهد التي ترجح انفصال جنوب السودان الي دولة مستقلة ، بعد ان تم الاتفاق علي اجراء الاستفتاء الخاص بتقرير المصير لجنوب السودان و ابيي في يناير من العام 2011م . في هذا الوضع من المفيد البحث عن مختلف التأثيرات المتوقعة لانفصال الجنوب من عدة اوجه ، خاصة من حيث التأثير علي مؤشرات التنمية الاقتصادية و الاجتماعية. من الجوانب الجديرة بالاهتمام تأثير الانفصال علي مؤشرات التنمية في السودان بشماله و جنوبه. اغلب الآراء الان ترجح انفصال جنوب السودان ، و هذا في حد ذاته لا يشكل مشكلة كبيرة ، اذا تم الاقتناع به و التسليم بانه امر واقع وحتمي و ان أي خيار اخر غيره سيؤدي الي نتائج اسوأ ، و اذا كانت تلك هي قناعة المجتمع الدولي بعناصره المؤثرة علي المستويين الاقليمي و الدولي . في هذه الحالة لابد من وضع الترتيبات و التدابير التي تعالج المشاكل التي عادة ما تصاحب الانفصال. تلك المشاكل بالتأكيد معقدة و تحتاج للوقت للتفاوض حولها و حسمها بشكل منهجي و نظامي يجنب البلاد - في حالة الانفصال- الوقوع في صدامات حول عدد من القضايا ، يمكن ان تكون لها تداعيات تتولد عنها عدد من المشاكل الفرعية بشكل يمكن ان يعصف باستقرار البلدين الناتجين عنه و يجرهما بعيدا عن الأهداف المرجوة من الانفصال . و هنا لابد من طرح سؤال حول ماهية الاهداف المنتظرة من الانفصال بالنسبة للجنوب او ابيي؟ ففي الوقت الذي لا يمكن النظر فيه الي الاستفتاء كهدف في حد ذاته ، وانما باعتباره وسيلة تؤدي الي غاية معينة. يبقي السؤال حول ماهية الغايات النهائية و أساليب تحقيقها محتاج الي إجابة. اذا تم الاحتياط لمآلات الانفصال ووضحت الرؤية حول مستحقاته ، يمكن عندها ان يحدث بسلاسة و سلام خاصة اذا صدقت نوايا ( المجتمع الدولي ) في المساعدة في اكمال تلك العملية بشكل سلمي. بهذا الشكل ، ستصبح مشكلة ابيي اضافة لمناطق جنوب كردفان و جنوب النيل الازرق، هي الأكثر تعقيدا و خطورة علي الشمال و الجنوب و تبدو انها مستعصية علي الحل في حالتي وقوع خيارها علي الانضمام الي الشمال او الجنوب في حالتي الاستفتاء و المشورة الشعبية. هذه المسألة اذن تستحق التحوط لها و تقع بشكل كبير ضمن دائرة التأثير المباشر و العميق علي مؤشرات التنمية بمختلف إشكالها و مسمياتها و توصيفاتها و تصنيفاتها ، اضافة لكونها بذرة حرب. لا يمكن الفصل بين القضايا المتداخلة في قضية مثل تقرير المصير و هنا يجب فقط التركيز علي إي المؤشرات أكثر خطورة وجديرة بالاهتمام أكثر من غيرها.
المرجعية الرئيسية لتقرير المصير لجنوب السودان و منطقة ابيي هي اتفاقيات السلام الشامل و اهم ما جاء في الاتفاقيات المؤسسة للوحدة او الانفصال هي الجوانب المتعلقة بقسمة السلطة و الثروة ، بما يشتق منها من اثار علي نظام الحكم ‘ قسمة الموارد و إرساء أسس داعمة لاي من الخيارين المتاحين في الاستفتاء المزمع إقامته في يناير 2011م. ما يهمنا هنا هو مناقشة الجوانب ذات الارتباط بالعملية الاقتصادية و بالتالي ، ذات الصلة باتفاقية قسمة الثروة.
حسب المراجعات التي تمت فيما يختص بمرجعيات الانفصال استنادا الي القانون الدولي و القانون الدستوري و وفقا للسياق التاريخي و المقارنة بالتجارب الدولية ، اتضح ان معظم الآراء تدور حول ان علاقة الجنوب بشمال السودان هي علاقة إقليم بكيان دولة قائمة بالرغم من المشاكل المركبة بين ذلك الاقليم و السلطة المركزية. ظل جنوب السودان جزءا أصيلا من الدولة السودانية منذ العام 1998 و حتي نيل السودان لاستقلاله في الاول من يناير 1956م. في هذا السياق لم يعامل جنوب السودان ككيان منفصل او شخصية اعتبارية مستقلة في تاريخ الدولة السودانية . في السياق اعلاه فان حق تقرير المصير مطلب دخيل و جديد علي الممارسة السياسية و الدستورية في السودان تم تأسيسه من خلال مرارات الخلافات التاريخية بين النخب الحاكمة في الشمال و بين القطاعات التي تشكل الوعي الاجتماعي و النفوذ الواقعي و التاريخي في جنوب البلاد و جاءت اتفاقيات نيفاشا لتضعه كواحد من حسابات التسوية بين جزئي الوطن الواحد و إسكاتا لأصوات بعض النخب الجنوبية المهمة التي أصبحت تدعو الي انفصال الجنوب في دولة مستقلة. تأسيسا علي ذلك جاءت نيفاشا لتضع تلك الخيارات في سياقها الدستوري و القانوني اللازم النفاذ. هنا بالضبط تكمن خطورة الوضع الناشئ عن نيفاشا بإرساء سابقة يمكن البناء عليها لانشقاق أجزاء اخري من السودان و انفصالها في دولة مستقلة. من جهة اخري سيشكل ألانفصال حافزا للعديد من الحركات المسلحة في أفريقيا خاصة و ان موجات الهجرة و النزوح الناتجة عن الحروب تغذي ذلك الاتجاه. في المحصلة النهائية فان النزعة العقلانية لدي طرفي نيفاشا التي أدت الي الوصول لاتفاقيات السلام الشامل ستتحول الي فعل غير ايجابي و نزعات شوفينية يمكن ان تجهض جميع ايجابيات اتفاقيات نيفاشا و التي نعتبر من أهمها إيقاف الحرب و وضع السودان في طريق التحول نحو الديمقراطية و التنمية و استدامة الأمن و السلام.
تحاول هذه الورقة استجلاء بعض المؤشرات المصاحبة للاستفتاء حول تقرير المصير - خاصة في حال خروجه بنتيجة الانفصال- و مدي تأثيرها علي عدد من العوامل الخاصة بالتنمية الاقتصادية و الاجتماعية في مجمل البلاد بشمالها و جنوبها. كما تتعرض الورقة لبعض الجوانب التي تري ضرورة التركيز عليها من شريكي الحكم و القوي السياسية و المدنية الاخري في الفترة المتبقية قبل موعد الاستفتاء، في دعوة لتوسيع المشاركة في بحث هذا الموضوع الي اقصي مدي ممكن. تتبع الورقة مدخل الاقتصاد السياسي لتناول موضوع الاستفتاء و تداعياته المحتملة دون ان تستند الي بيانات إحصائية او نماذج تحليلية لان مثل تلك المتطلبات خارج سياق هذه الورقة و طبيعتها حسب المدي الزمني و الإمكانيات التي أعدت فيها و أتيحت لها لتناول المشكلة المعنية بالنقاش. إذن الورقة لا تعدو ان تكون، ورقة معدة لنقاش تدابير و تداعيات الاستفتاء وفتح الأبواب الواسعة لتناول هذا الموضوع بالغ التعقيد و الذي يعتبر ذو أهمية مفصلية علي المستوي الوطني.