شحالة البؤس التى ضربت ولاية الجزيرة منذ شهور جراء غلاء المعيشة وسوء الأوضاع العامة، لا تنفصل بأي حال من الأحوال عن أزمة المشروع الزراعي المتعثر منذ سنوات، ومسلسل العطش الذي لم ينتهِ بالرغم من استباق آخر (مطرة) بصلاة استسقاء مشهودة ومعبّرة عن ضيق المزارعين بما يجري للزرع والضرع. المحنة أصلها ثابت، فالقرار الذي صدر بداية هذا العام بأيلولة إدارة الري بمشروع الجزيرة من وزارة الري والموارد المائية لإدارة المشروع، والأزمة المكتومة التى فجّرها ذلك القرار بين مهندسي الري وحكومة الجزيرة من جانب وإدارة المشروع واتحاد المزارعين من الجانب الآخر، كانت أزمة حادة، فقد خلف ذلك القرار استياءً كبيراً في الوسط المهتم، وآثاراً سالبة ترتبت عليه، وأعلنت النقابة العامة لعمال الري والسدود في ذلك الوقت رفضها إياه، ووصفته بأنّه رصاصة الرحمة عَلَى قانون مشروع الجزيرة وتأكيد لخروج الدولة من المشروع. (الأهرام اليوم) وقفت على آخر أوضاع العروة الصيفية على ضوء الحالة وأزمة العطش وتردي البنية التحتية والتماطل في حقوق المهندسين المحالين للصالح العام وتجاهلهم بالمرة، فكيف هو المشهد الآن؟
الصورة تبدو مأساوية وخطوط الدعم منقطعة، فمدير ري شمال الجزيرة السابق المهندس صلاح عبد الله أوضح لـ (الأهرام اليوم) أن المشروع يروى بالري التكميلي بواقع مطرتين في البداية تكمل بالري الانسيابي، وهذا ما لم يحدث خلال الموسم الحالي، وبنيات المشروع كان مسؤولاً عنها (105) مهندسين وفنيين منتشرين على أقسام الري الـ (18) يقومون بواجباتهم بتناسق تام، وبالرغم من وجود تلك المنظومة فقد كانت هنالك معوقات ومشاكل منها شح التمويل، والمشكلة التي حدثت في الموسم الماضي أن الإدارة التزمت بـ 10% من تمويل عمل اللآليات التى كانت تقوم بالحفر وتم تأجيل 90% من بقية الحقوق، والذي حدث هو أن تلك الآليات عملت بمقدار المدفوع فقط 10% مما أدى إلى ضرر كبير. وقارن المهندس عبد الله بين الموسم الحاضر والسابق، مستطرداً: إن المساحة المزروعة في الماضي كانت (800) ألف فدان والمياه التي جرت لم تتجاوز (21) مليون متر مكعب في ترعتي الجزيرة والمناقل، والذي يدور الآن بعد الايلولة أن المهندسين طالبوا بحقوقهم بعد توقف الري حتى لا يحدث لهم ما حدث للمهندسين الزراعيين، وبدأ الاختيار من خريجي المدارس الصناعية وليس من المهندسين، والإدارة الوليدة فيها رجل واحد بالإضافة إلى (7) معاشيين، وحسب اعترافهم فإن الذي زرع هذا الموسم حوالي (350) ألف فدان، والمياه المارة من ترعتي الجزيرة والمناقل (34) مليونا ومائة ألف متر مكعب، والمساحات لم تروَ بسبب سوء الإدارة، (وناس شبكة المياه ما عارفين المشكلة وين). وتوقع صلاح انهيار بنيات الري والشبكة كلياً.. الشبكة التي حافظت عليها الوزارة لـ (80) عاما، واليوم (الترع) تدخلها (الكراكات) وتعمل بشكل خاطئ قد ينسف الجسور، والتعامل مع الأبواب يتم بصورة غير صحيحة، فهي تقفل وتفتح في اليوم الواحد أكثر من ( مرات، بالإضافة إلى عدم وجود كادر فني متميز، وخير مثال لذلك تجربة انهيار القنوات الفرعية في العام 1998 التي لم تكتمل إعادتها حتى اليوم، وتتجلى الإشكالية بحسب المهندس صلاح في أنهم في بداية الموسم الزراعي، ويعمل الري بالطاقة القصوى، فكيف سيكون الحال في منتصف سبتمبر؟ هذا هو السؤال المطروح.. (34) مليون متر لم تحدث طيلة إدارة عمليات الري، وبالرغم من ذلك يوجد العطش، وهو ما لاحظته الصحيفة.
جدير بالذكر أن السعة التصميمة لترعتي الجزيرة والمناقل هى (32) مليون مليون متر مكعب، ولم تستطع وزارة الري تمريرها، فكيف يكون الحال في شهر سبتمبر؟ وبعودة للمهندس صلاح فإن هذه الأمطار التى نزلت لن تكفي ولن تحل المشكلة، كما أن الزراعة تحتاج إلى كمية مياه بمعدل (250) ملم، فالناس محتاجة لـ (10) ملايين متر مكعب وليس (34) مليون متر، مضيفاً أن الإدارة لم تستطيع أن تروي الـ (350) ألف فدان مما يعني أن مشروع الجزيرة في مفترق طرق. جدير بالذكر أن مدير الري بمشروع الجزيرة الذي تم تعيينه بحسب مصادر الصحيفة لم يعمل من قبل في المشروع، وربما يجهل الكثير عنه بحسب بعض المراقبين!
رئيس اتحاد مزارعي الجزيرة والمناقل عباس الترابي قلل من حجم مشكلة العطش في المشروع وتوقع أن تسهم الأمطار التى هطلت في تقليل حجم المشكلة، وقال لـ (الأهرام اليوم): ليس هنالك عطش، ولكن هنالك سحب للمياه أكثر من المعقول، فالمحاصيل تحتاج إلى (مطرتين) على الأقل، ولكن تأخر الأمطار أفرز تلك الأزمة. وبالنسبة لتحويل الري للإدارة فهو قرار كان لا بد منه، فالمؤسسات التى أثبتت نجاحها في السودان هي الري والإدارة الزراعية، وقد جاء الدمج حتى لا تتضارب القرارات، ومن الأول - والحديث للترابي - كان هدفنا توحيد الإدارة الزراعية، ونحتاج فقط لترتيبات في الهياكل وطريقة إدارة الري، والعطش نتج عن إسباب عدة، فلأول مرة نقوم بعملية زراعة مبكرة لـ (350) الف فدان في زمن باكر ومعدلات عالية جدا كان من المفترض أن تسقى في يوم محدد، والآن عندنا فرصة للزيادة، ونحن فتحنا للمياه ولم تأت الأمطار، مضيفاً أنهم ملتزمون ببرنامجهم المطروح بحسب العقد المائي بين المزارعين وإدارة الري، وأشار إلى أن المشروع أصلا قائم على الري التكميلي والأرض تحتاج لكمية مياه كثيرة والذي جرى أنهم زرعوا (365) ألف فدان المروي منها (260) ألف فدان، مؤكدا عدم وجود الرغبة في مراجعة قرار الايلولة وكل الذي سيحدث مجرد معالجات للمشاكل المصاحبة للقرار. ونفى الترابي أن تكون لعملية الهيكلة ظلال سياسية أو تكون هنالك محاباة في اختيار مهندسي الري، ووصفهم بأنهم نفس المهندسين الذين كانوا يديرون المشروع في السابق، وزاد بأن التحضير اكتمل بنسبة 100% بالرغم من أن هنالك مشكلة في الصيانة ونظافة الترع والمجاري. هكذا يبدو المشهد في مشروع الجزيرة، فأكثر المتفائلين بهذا الموسم يضعون أياديهم على قلوبهم، أما المتشائمون فقد تركوا الأمر برمته وانصرفوا إلى قضايا أخرى، بينما المشروع لا زال (معاقا) ومطعونا في القلب، فهل من منقذ؟
ش[i]
الصورة تبدو مأساوية وخطوط الدعم منقطعة، فمدير ري شمال الجزيرة السابق المهندس صلاح عبد الله أوضح لـ (الأهرام اليوم) أن المشروع يروى بالري التكميلي بواقع مطرتين في البداية تكمل بالري الانسيابي، وهذا ما لم يحدث خلال الموسم الحالي، وبنيات المشروع كان مسؤولاً عنها (105) مهندسين وفنيين منتشرين على أقسام الري الـ (18) يقومون بواجباتهم بتناسق تام، وبالرغم من وجود تلك المنظومة فقد كانت هنالك معوقات ومشاكل منها شح التمويل، والمشكلة التي حدثت في الموسم الماضي أن الإدارة التزمت بـ 10% من تمويل عمل اللآليات التى كانت تقوم بالحفر وتم تأجيل 90% من بقية الحقوق، والذي حدث هو أن تلك الآليات عملت بمقدار المدفوع فقط 10% مما أدى إلى ضرر كبير. وقارن المهندس عبد الله بين الموسم الحاضر والسابق، مستطرداً: إن المساحة المزروعة في الماضي كانت (800) ألف فدان والمياه التي جرت لم تتجاوز (21) مليون متر مكعب في ترعتي الجزيرة والمناقل، والذي يدور الآن بعد الايلولة أن المهندسين طالبوا بحقوقهم بعد توقف الري حتى لا يحدث لهم ما حدث للمهندسين الزراعيين، وبدأ الاختيار من خريجي المدارس الصناعية وليس من المهندسين، والإدارة الوليدة فيها رجل واحد بالإضافة إلى (7) معاشيين، وحسب اعترافهم فإن الذي زرع هذا الموسم حوالي (350) ألف فدان، والمياه المارة من ترعتي الجزيرة والمناقل (34) مليونا ومائة ألف متر مكعب، والمساحات لم تروَ بسبب سوء الإدارة، (وناس شبكة المياه ما عارفين المشكلة وين). وتوقع صلاح انهيار بنيات الري والشبكة كلياً.. الشبكة التي حافظت عليها الوزارة لـ (80) عاما، واليوم (الترع) تدخلها (الكراكات) وتعمل بشكل خاطئ قد ينسف الجسور، والتعامل مع الأبواب يتم بصورة غير صحيحة، فهي تقفل وتفتح في اليوم الواحد أكثر من ( مرات، بالإضافة إلى عدم وجود كادر فني متميز، وخير مثال لذلك تجربة انهيار القنوات الفرعية في العام 1998 التي لم تكتمل إعادتها حتى اليوم، وتتجلى الإشكالية بحسب المهندس صلاح في أنهم في بداية الموسم الزراعي، ويعمل الري بالطاقة القصوى، فكيف سيكون الحال في منتصف سبتمبر؟ هذا هو السؤال المطروح.. (34) مليون متر لم تحدث طيلة إدارة عمليات الري، وبالرغم من ذلك يوجد العطش، وهو ما لاحظته الصحيفة.
جدير بالذكر أن السعة التصميمة لترعتي الجزيرة والمناقل هى (32) مليون مليون متر مكعب، ولم تستطع وزارة الري تمريرها، فكيف يكون الحال في شهر سبتمبر؟ وبعودة للمهندس صلاح فإن هذه الأمطار التى نزلت لن تكفي ولن تحل المشكلة، كما أن الزراعة تحتاج إلى كمية مياه بمعدل (250) ملم، فالناس محتاجة لـ (10) ملايين متر مكعب وليس (34) مليون متر، مضيفاً أن الإدارة لم تستطيع أن تروي الـ (350) ألف فدان مما يعني أن مشروع الجزيرة في مفترق طرق. جدير بالذكر أن مدير الري بمشروع الجزيرة الذي تم تعيينه بحسب مصادر الصحيفة لم يعمل من قبل في المشروع، وربما يجهل الكثير عنه بحسب بعض المراقبين!
رئيس اتحاد مزارعي الجزيرة والمناقل عباس الترابي قلل من حجم مشكلة العطش في المشروع وتوقع أن تسهم الأمطار التى هطلت في تقليل حجم المشكلة، وقال لـ (الأهرام اليوم): ليس هنالك عطش، ولكن هنالك سحب للمياه أكثر من المعقول، فالمحاصيل تحتاج إلى (مطرتين) على الأقل، ولكن تأخر الأمطار أفرز تلك الأزمة. وبالنسبة لتحويل الري للإدارة فهو قرار كان لا بد منه، فالمؤسسات التى أثبتت نجاحها في السودان هي الري والإدارة الزراعية، وقد جاء الدمج حتى لا تتضارب القرارات، ومن الأول - والحديث للترابي - كان هدفنا توحيد الإدارة الزراعية، ونحتاج فقط لترتيبات في الهياكل وطريقة إدارة الري، والعطش نتج عن إسباب عدة، فلأول مرة نقوم بعملية زراعة مبكرة لـ (350) الف فدان في زمن باكر ومعدلات عالية جدا كان من المفترض أن تسقى في يوم محدد، والآن عندنا فرصة للزيادة، ونحن فتحنا للمياه ولم تأت الأمطار، مضيفاً أنهم ملتزمون ببرنامجهم المطروح بحسب العقد المائي بين المزارعين وإدارة الري، وأشار إلى أن المشروع أصلا قائم على الري التكميلي والأرض تحتاج لكمية مياه كثيرة والذي جرى أنهم زرعوا (365) ألف فدان المروي منها (260) ألف فدان، مؤكدا عدم وجود الرغبة في مراجعة قرار الايلولة وكل الذي سيحدث مجرد معالجات للمشاكل المصاحبة للقرار. ونفى الترابي أن تكون لعملية الهيكلة ظلال سياسية أو تكون هنالك محاباة في اختيار مهندسي الري، ووصفهم بأنهم نفس المهندسين الذين كانوا يديرون المشروع في السابق، وزاد بأن التحضير اكتمل بنسبة 100% بالرغم من أن هنالك مشكلة في الصيانة ونظافة الترع والمجاري. هكذا يبدو المشهد في مشروع الجزيرة، فأكثر المتفائلين بهذا الموسم يضعون أياديهم على قلوبهم، أما المتشائمون فقد تركوا الأمر برمته وانصرفوا إلى قضايا أخرى، بينما المشروع لا زال (معاقا) ومطعونا في القلب، فهل من منقذ؟
ش[i]